أرشيف الوسم: العادات الذرية

هل كتاب العادات الذرية يستحق الاقتناء فعلا؟!

هل قابلت الكثير من النصائح حول العادات؟ مقالات و تغريدات؟ من المؤكد أنك قابلت عنوان هذا الكتاب من قبل “العادات الذرية”!؟

عادة أقرأ الكثير حول كيفية اكتساب العادات الجيدة أو التوقف عن العادات السيئة، فالجميع يبحث عن أفكار جديدة تساعده ليصبح نسخة أفضل من نفسه – خاصة في بداية العام، عندما نتخذ جميعا قرار التحسين الشخصي-.

و مثلي مثل الكثيرين العالقين في هذه المرحلة، أحاول لكنني في النهاية أعود لنفس النقطة من جديد مع كثير من الاحباط والمشاعر السلبية الثقيلة.

و للإجابة على سؤال العنوان بشكل بسيط وسريع: أقول نعم، هذا الكتاب مفيد وممتع وملهم أيضا.

فالكتاب قيم جدا، بدأت بقراءته إلكترونيا ثم قررت امتلاك نسخه ورقية، لأنني شعرت أنني سأحتاج لإعادة قراءته عدة مرات.

و مع أن اسم الكتاب منتشر منذ مدة، إلا أن بعض أفكاره كانت جديدة علي – أقصد على مايبدو حتى مع انتشار الكثير حول العادات إلا أن أفكاره وقصصه لاتزال غير منتشرة جدا بحسب اطلاعي-، وهناك أفكار معروفة، لكن الكاتب وضعها في سياق مناسب يسهل تذكرها وتطبيقها، كلا حسب المشكلة التي يواجهها في عادته الجديدة المطلوبة.

مثلا، يرى عادةً أن العادات نابعة من الأهداف (أريد أن أكون كذا لأحقق كذا)، وهناك عادات نابعة من الهوية ( أريد أن أكون كذا لأنني في الأساس هذا الشخص)، فامكانية استمرارية الأخيرة أكثر من تلك الأولى، فإذا كنت مدخن وعرض عليك أحدهم سيجارة -مثلا- لكنك قررت الاقلاع عن التدخين، فإن اجابة الأول ستكون” شكرا، أنا أحاول الاقلاع عن التدخين لا استطيع قبول عرضك” ، أما العادة النابعة من الهوية فيقول صاحبها :” شكرا لك، أنا شخص غير مدخن “، لأنك حددت سلفا ما انت وما تريد ان تكسبه او تفقده من عادات (يعني تلك العادات مرهونة بشخصك وهي مسألة حساسة بالنسبة لك).

أيضا يسرد الكاتب لنا مسألة مهمة، وهي أنه تم عمل دراسة على أشخاص موجودين في ثلاث مجموعات:
– المجموعة الاولى تم اعطاءهم جدول به تمارين رياضية فقط.
– المجموعة الثانية ثم اعطاءهم جدول بالتمرين الرياضي بالاضافة الى محاضرة حول أهمية التمارين.
– المجموعة الثالثة تم اعطاءها الجدول واستمعت للمحاضرة، بالاضافة الى خطة للتمرين، على سبيل المثال: (يتمرنون في الساعة الخامسة يوم الاحد والثلاثاء والخميس لمدة ٣٠ دقيقة).

لقد كانت النتيجة مذهلة، حيث عدد الملتزمين باداء التمارين في المجموعة الاولى والثانية متقارب (٣٠٪ تقريبا التزموا) لكن المجموعة الثالثة نسبة التزام الاشخاص قفزت الى (٩٠٪ تقريبا)، أي ضعفي المجموعتين. وهذا يعني أن وجود خطة التزام بالعادة (العادة بشكل واضح) + المكان + الزمان يساعد في تحقيقها بشكل أفضل.

وهذه في نظري معلومة مهمة وجوهرية، ليست على صعيد العادت فقط، حتى في تحديد الاهداف.

لقد ساءني وانا أتابع تويتر في بداية العام بوجود بعض المغردين المتحمسين للعام الجديد والذين اختاروا أهدافا بشكل عام( أحسن من نفسي، أزيد دخلي، أنحف، أقرأ …الخ) أتمنى انني مخطئة و أنه بالفعل لديهم خطط أكثر وضوحا حول ما يرغبون بتحقيقه، أنا كنت أتمنى مثلهم كثيرا، لكن تعلمت أن أهدافي عليها أن تكون واضحة أكثر لتصبح حقيقة.

الأهداف ينبغي لها أن تعكس هويتك و الشخص الذي تريد أن تكونه، عندما تحدده عليك أن تجد طريقا أو روتينا يساعدك للنجاح، و الكاتب في الكتاب ينصح بمجموعة من النصائح التي عليك أن تتبعها لتصل لعادات سهلة تحقق بها هذا الهدف..

يقول أن العادة تمتلك دائرة، تبدأ بـ الإشارة (التي تنبهك بوجود عمل ستقوم به بتلقائية)، ثم توق (لأنك إذا رأيت الاشارة ستبدأ بتمني الوصول لها) ثم الحدث (أنك فعلت كذا) ثم المكافأة (التي تشبعك و تجعلك ترضى عن هذا الفعل و تتمنى إعادته مرة أخرى)، لذلك أفرد فصول كتابه ليتحدث عن كل سمة بشكل مستقل:

  • لذلك يخبرك، اجعل إشارة العادة واضحة حتى تبدأ في ممارستها بسرعة.
  • و جذابة حتى تشعر برغبة للوصول لها وممارستها.
  • و سهلة حتى تقوم بعملها بسهولة بدون تفكير.
  • و مشبعة حتى تضمن ممارستها مجددا.

الكتاب مليء بالأمثلة الأصلية (يعني من اقتباس الكاتب قديما وجديدا) لم تكن قصصه مكررة، و المحتوى مدقق بشكل جيد، ويستعرض أمثلة من الحياة الواقعية بدون مثالية، ويذكر صعوبات كنت قد عانيت منها شخصيا، ومترجم بشكل جيد، لذلك كان الكتاب قريبا مني.

مثلا في فصل متأخر، اقترح أن تلتزم بجدول وتقوم بوضع اشارة أو علامة صح بعد أداء العادة (كأنه متتبع عادات، وهي فكرة معروفة وليست جديدة) لكن الكاتب يتفهم أن البعض يبدأ بالمتتبع ثم يتوقف، لماذا ؟! لأن هذا التتبع يعني أنك تحاول إلزام نفسك بعادة جديدة + عادة تدوينها (يعني عادتين وليست عادة واحدة) وأنت هدفك تبسيط عادتك الجديدة للحد الذي يجعلها ممكنة، لذلك يقول إذا كنت تريد الالتزام بهذه الطريقة فتأكد أن تدون اشارة الصح مباشرة بعد فعلك عادتك المطلوبة.

وأعجبني في نهاية الكتاب، أفرد فصلا لا يقل أهمية عن التحدث عن العادات، الأول كيف تكتسب عادات تحقق لك نجاحا خارقا (عبقريا في مجال ما) ثم ذكر كيف تحسن من عاداتك لتصبح أكثر نجاحا ولا تقع في فخ الروتين (الذي لا يحسن من موهبتك أي شيء) .

وأخيرا يقدم نصيحة، تأكد أن عاداتك لا تقف في طريقك، وأنها بالفعل تساعدك على النجاح، وينصحك بمراجعها بشكل دوري وتحسين ما يحتاج إلى تحسين.
فنحن بشر، نتكاسل ونتوقف وتختلف عاداتنا من فترة لأخرى، لا تغرق في فخ عادة جيدة لمجرد أنها جيدة بينما هي لا تساعدك لتصبح هويتك المنشودة.

في الكتاب الكثير من النصائح، لكن كتابة النصائح بشكل مختصر لا أعتقد أنها تكفي للتأثير على الشخص واقناعه مثل قراءة كتاب كامل والذي هو أشبه بدورة تدريبية مكثفة تعرف بها نقاط القوة والضعف التي لديك.

عندما بدأت قراءة الكتاب – على سبيل المثال- قررت أن أقوم بقراءة ٢٠ صفحة تقريبا كل يوم بعد الافطار (مع كوب القهوة إلى أن انتهي) هذا الطقس أصبح محببا لي جدا والتزمت غالبا في القراءة معظم الأيام.

ثم في المساء وبعد أن ينام الصغير كنت أرتاح بجانبه على السرير ومعي الآيباد الغير متصل بالانترنت -عوضا عن الجوال- وأبدآ بالقراءة لنصف ساعة أخرى.
هذه أوقات ثابتة أصبحت أستمتع بالقراءة فيها والتي جعلتني أشعر بالانجاز.

ومثلما يقول جيمس، العادة هي التكرار لفعل ما، كلما زاد عدد مرات تكرارك لهذا الفعل يعني بدأت بالفعل بتكوين عادتك. وهذا ما أذكر نفسي به. علي فقط أن أستمر بالتكرار كل مرة إلى أن أشعر أن هذا الفعل أصبح جزءً من روتيني.

لا يمتلك الكتاب عصًا سحرية لتحول بها حياتك للأحسن مباشرة، فبعد القراءة ستحتاج للفعل والتطبيق والممارسة، وإلا أصبح الكتاب نزهة جميلة ممتعة لا أكثر – وهو يذكر هذا أيضا، إذا قررت أن تكون كاتبا فيجب أن تمتلك عادة الكتابة، ففعل التخطيط والتفكير الذي يريح ضميرك ليس هو العادة المطلوبة فلا تضع لنفسك الأعذار- يعني هناك فرق بين النية والفعل الحقيقي، فتأكد أنك لا تمني نفسك بالأمنيات فقط.

هذه لمحة سريعة عن الكتاب. أكتبها قبل أن أفقد حماسي للكتابة.
و أتمنى لكم يوما لطيفا 🌻💕