ذهلت عندما اكتشفت أن التدوينة الأخيرة لي بالمدونة كانت منذ فبراير السابق، فبالرغم من أنني لم أكتب كثيرا لكن لم أتخيل أن تكون تدوينتي الأخيرة بهذا البعد.
هل انقطعت عند التدوين فقط؟ لا، فأنا انقطعت عن التدوين وعن عالم المدونات عموما، وسألت نفسي للمرة الأولى: لماذا يستمر بعض الناس بالكتابة في مدونة؟! يبدو هذا شديد التخلف مقارنة بالمحتوى المتجدد على مواقع التواصل الاجتماعي (حتى تكتوك) الذي سيثري ذوقك بمقاطع فيديو أو حتى مقاطع مكتوبة، ألسنا جميعا كتّاب محتوى أولا وأخيرا، ونحن جميعا نعرض أفكارنا ومشاعرنا؟!
استمرت أفكاري على هذا النحو حتى انتهت إلى: أنني افتقد مقدرتي على التركيز المطول والقراءة المطولة، سواء في كتاب أو مقالة طويلة أو حتى وثائقي طويل، التنقل السريع بين (الأفكار) أصبح شغفي الجديد، وتأتي معه توابعه من اثار إدمان وسائل التواصل.
أنا لم أستطع قط أن أنسى كيف نسيت تلك الاثار، وكيف جرفني ذلك التيار بدون أن أشعر، ربما بسبب وجود أطفال صغار أصبح همي الأول هو اقتطاع جزء من الثانية في التفكير خارج نطاق اهتمامي بهم! ربما. لكنني وضعت تلك الجرعات المنشطة أمام المقالات التي تسرد أفكارا مرتبة ونمطا بطيئا معقولا، فأنا حتى لم أعد أقرأ!
تأكدت من هذه النظرية عندما عجزت عن الاستماع للبودكاست كاملا اثناء الطبخ مثلا بسبب المقاطعات المتكررة بسبب الأطفال، أو عندما قررت أخيرا مشاهدة مسلسل طويل (وأخيرا قررت هذا القرار) فمع أنه أضاف لليال القصيرة بعض المتعة في السهر على مسلسل أحبه، إلا أنني تأكدت أن متابعة الحلقة الأخيرة من أي موسم وسط ازعاجهم هو ضرب من الجنون، فخلال ١٠ دقائق توقفت ٧ مرات ربما للإجابة لمطالبهم! لذلك كانت مواقع التواصل منقذ سريع للخروج من منطقة الضغط التي أشعر بها.
هل أنا أتذمر؟ لا والله، لكن الأمومة مرهقة أكثر مما تصورت، وفي كل مرة أقول لنفسي لقد تمكنت منها-يعني الأمومة- اكتشف أنني تجاوزت بعض الصعوبات بينما ألتقي بصعوبات جديدة.
وبعد أن انتهيت من جميع حلقات المسلسل الذي اتابعه في وقت قياسي (يذهلني أنني فعل) قررت التوقف تماما عن متابعة أي مسلسل طويل، وربما الاكتفاء ببعض الأفلام فقط حتى لا أرتبط كثيرا بمشاهدة الحلقات، أقول هذا وأنا أُفكر كيف سأكتب تدوينة ناقدة عن مسلسل/فيلم مشوق. لقد جربت مرة أو مرتين لكن لا أشعر بأن ما كتبته كان جيدا أو حتى مثاليا، بل هو انتقاد مليئ بما أشعر به أنا حول الفيلم (وهو أمر جيد لكن عبارات مثل: أحببت/لم أحب لا تبدو عبارات انتقادية لأي عمل فني) إلي أن قرات مقالة إيمان أسعد رأي العزباء الأربعينية بفلم «Materialists» وقلت لنفسي، نعم هذه طريقة النقد التي أتطلع لها، هناك رأي ومشاعر مع نقد لقطات معينة من الفيلم ومقارنته بمشاهد من أفلام أخرى.
عموما أنا لست تلك الخبيرة، ولكن استطعت ربما لأول مرة أن أعرف شكل التدوينة التي أتطلع لكتابتها. هذه تدوينة سريعة على أن أعود بحكايات أكثر في الأيام القادمة.
ودمتم بخير