
الرسمة أعلاه هي نتاج ليلة من الليالي والتي احتاجت لبعض الوقت، فالرسم مثل الكتابة يحتاج لوقت طويل (وربما طويل جدا جدا). عندما كنت أشاهد تحدي لفتاة ترسم كل يوم لمدة أربعين يوما، لفتني في أحد الأيام تأخرها عن النشر، قالت بأنها بدأت الرسمة في وقت متأخر، منذ التاسعة حتى بعد الساعة الثانية عشر، لقد فاجأتني جدا!!
أعتقد السبب يعود لمشاهدة الريلز ومقاطع اليوتويب القصيرة، تجعلك تشعر أن الأشياء تصير بهذه السرعة!! وكلما تعمقت بالفن أكثر شاهدت عدد ساعات أطول ١٠٠ ساعة في رسمة!! رقم خيالي صحيح!
لماذا أشعر بالمفاجأة؟! ربما لأنني لا أنظر للفن إلا باعتباره هواية لتضييع الوقت -آسفة-!! فهو لا يشبه الخياطة على سبيل المثال، في الخياطة أنت تقدم فائدة ملموسة بالإضافة للفن، الكروشيه مثلا هناك فن وأيضا فائدة. الآن ماذا يقدم الرسم والتلوين في حياة الانسان؟! لا أعرف.
لكنني بدأت على كل حال، لأنني احتجت للبدء بهواية جديدة وخارجة عن المألوف (بالنسبة لي) وشعرت معها برهبة ومتعة البدايات (والشرط الأساسي بالنسبة لي أن تكون الهواية بعيدة كل البعد عن الشاشات).
جربت من قبل التعامل مع الخيوط سواء كروشيه أو تطريز، لكنني أردت شيئا أقل ألفة، لم أستخدم هذه الألوان إلا في طفولتي فقط.
كان هدفي بالبداية هو الاستمرارية اليومية بالرسم، لكن لم أستطع كل يوم تحقيق هذا الهدف ، لكنني تعملت كثيرا مما شاهدت، الألوان والظلال والاضاءة والخطوط وأشياء كثيرة، والحقيقة أن فيدوهات التلوين تحمل معها راحة نفسية كبيرة، فالفنان يعرف كيف يجهز بيئته لتبدو جذابة.
أول ملاحظة اكتشفتها مع الألوان المائية أن صبري قليل جدا، أريد من الأشياء أن تنتهي بسرعة لأنتقل للتالي، ربما لأنني أحمل خلال اليوم قائمة لا نهائية بالمهام، وأنا أتعامل مع الأطفال بالمنزل بنفس النمط من السرعة، فحتى أوقات الاستراحات هناك طلبات وهناك مهام تالية سأنفذها.
لا يهم.. دعنا مع الألوان المائية.
شاهدت عبر يوتيوب فتاة تقوم بنفس نمط هذا الرسم، ترسم عدة قلوب في صفحة بيضاء، ثم تبدأ برسم قلوب أصغر داخل كل قلب، ثم قلوب اكبر إلى ان تنتهي من تلوين الصفحة، تماما مثلما فعلت أنا مع المثلثات -باستثناء أن خطوطي تفضحها عدم الدقة- لكن هذا النوع من الرسم يبدو لي مريحا جدا، فهو يحتاج للون واحد فقط، ليس هناك ما أركز وأفكر فيه، والأهم من كل هذا، لا أحتاج للانتظار حتى تجف طبقة من الرسم لأرسم مرة أخرى (وهذه من أهم الصفات التي تتمتع بها هذه الألوان واكتشفتها لاحقا، لتستخدم المائية عليك أن تنتظر قليلا لتجف طبقة الرسم الأولى ثم بامكانك الاستئناف مجددا ، الهدف خلق طبقات من الألوان فلا تندمج).
أما ماجاء في التركيز (وهذه على الأرجح ستكون في تدوينة لاحقة) فأنا متأثرة جدا بما يعرضه الأستاذ تركي البدر، يبدو لي ملهما فكرة أن التدريب على حل الألغاز يساعد في رفع قدرة التركيز لدى الشخص، بالطبع تحتاج لـ أسابيع قبل أن ترى النتيجة، لكن هذه القدرة العقلية باتجاه شيء واجد مثل حل الألغاز تساعد العقل على التركيز في جوانب أخرى من الحياة.
هذا كل شيء اليوم أراك في تدوينة أخرى.