عندما أنجبت طفلي الأول، دخلت في دوامة كبيرة من الحزن والإحساس بفقدان شخصيتي وروتيني ووقتي الخاص.
أثناء حملي استمر الجميع باخباري: “سترتاحين من الثقل وتولدين على خير، قرب الفرج” لذلك عندما ولدت صدمت بتبعات ما بعد الولادة، لم أجد الراحة ابدا ولم أعرف نفسي وغرقت عميقا أبحث عن تلك حياة مثالية مع طفل صغير..
و لفترة غير قصيرة كنت أتمنى لو أنني أعيش في كابوس وسأسستيقظ قريبا وأعود لحياتي الطبيعية – بعد أن أعطتني الحياة درسا قاسيا عن قيمة الوقت وقيمة الدقيقة-.
لكن، لم يحصل أي شيء، ومع الوقت كنت أستعيد توازني وأستعيد نومي الطويل وأوقات راحتي، حين اكتشفت حملي بطفلي الثاني -بينما كان طفلي الاول بعمر السنة وعدة أشهر فقط- ، وأعدت الكرة والتجربة مجددا ورحلة طويلة من الوحام والثقل ثم الوالدة والسهر وهكذا.
لكن، ماذا عن وقتي الخاص!! لا أعتقد أن أي شخص قادر على فهم هذه المعاناة إلا من يجربها حقا- أو يعاني منها الان- لم أعرف في حياتي ما تعنيه الوظيفة ب ٢٤ ساعة إلا عندما عشت التجربة كاملة بنفسي. لكنني افتقد نفسي كثيرا.
هل يعني أنني لا اجد أي متنفس وأنني مشغولة بهم دوما؟! انتبهت لنفسي عندما اكتشفت انني متعلقة بحياتي السابقة بشدة، فليست المشكلة انني لا أجد ساعة لنفسي (بل هناك ساعة وربما ساعتين وأكثر -خاصة بعد نومهم) لكنني افتقد الرتم البطيئ للحياة، الاستيقاظ والنوم متى اريد، الطبخ او عدم الطبخ، ترتيب المنزل حينما اشعر بالرغبة فقط وفي حالة هدؤء -وربما عندما اشعر برغبتي في سماع بودكاست- افتقد كل هذا فعلا.
عندما ادركت ان غوصي في حياتي السابقة بدأ يعطلني عن حياتي الان استيقظت، وبدات أبحث هنا وهناك، ساعدتني بعض الأفكار في التجاوز عن كل تلك المشاعر السيئة (خاصة الرغبة بالعودة للماضي الذي لم يعد موجودا الآن):
- أولا: سألت الله التوفيق والمعونة، وقد كانت حمدالله تجربة العام الأول مع طفلي الثاني أكثر استقرارا من طفلي الأول (بالطبع نفسيا) وإلا فالجهد البدني مضاعف.
- تسامحت مع تقصيري في التحكم بترتيب المنزل، وقرأت مرة أن امرأة أرادت أن تشتم أخرى فقالت لها شيئا مثل :”اتمنى أن يكون منزلك نظيفا دائما ” يعني ألا يرزقك الله أطفالا فيصبح في حالة فوضى (يعني نظرتها الطبيعية لمنزل به أطفال هو الفوضى)،فلماذا كل هذا الغضب من المنزل الفوضوي؟!.
- اسمتعت مرة لأخصائية أجتماعية قالت :” تنظيم الوقت هي مهمة شبه مستحيلة للأمهات، فالأم تتغير اهتماماتها تبعا لأطفالها ومزاجهم وتقلبات حياتهم، وعلى الأمهات أن يتعلمن “إدارة الأولويات” أما تنظيم الوقت له وقت آخر. ولقد ساعدتني هذه النصيحة جدا في عدم اهدار الوقت لتأنيب نفسي حول ما لم استطع انجازه.
- أيضا سمعت مرة من يقول فيما معناه، أن من يرعى طفلا صغيرا أو مريضا أو كبيرا في السن فله كل العذر، فهو لا يمتلك وقته، وقته ملك لمن يرعاه (وهذه النقطة تشبه سابقتها).
- أحاول ترتيب هواياتي والتنازل عن بعضها، فالوقت يمضي ولن أستطيع فعلها كلها الآن. اذا استطعت فعل واحدة او اثنتين اتجاوز عما لم أستطع فعله (مثل الرسم الذي افكر فيه كل ليلة لكنني لا أستطيع الرسم دائما لذلك قد أقرأ، وأحيانا أنام من التعب).
- إذا كانت هذه تجربتك الأولى في الأمومة أريد القول أنك لن تفقدي نفسك أبدا، عندما يبلغ الطفل العام ستكون الأمور أكثر سلاسة ووضوحا مع الوقت.
- مثلما خسرت بعض العادات، اكتسبت عادات أخرى أجمل وأحلى، وتعلمت أن الحياة مع الأطفال تنمي فيك مواهب وقدرات لم تكن تعرفها من قبل.
- ركزت على حياتي الان، وما أتطلع له في المستقبل فقط.
- تعلمت الحمد لله دائما وأبدا، على ماهو موجود بين يدي الآن، وأذكر نفسي بأن الله الأطفال هم رزق مثله مثل المال، وابتهج دائما عندما أشاهد أثر تربية حسنة أو تطور حسن في أطفالي.
أعتقد أن المرونة والنضج الفكري الذي اكتسبته خلال كل تلك الأيام هي مكسب حقيقي لي، حتى مع كوني لم ألتزم بيوم النشر وتأخرت يوما إلا أنني لا زلت لا أرى مانعا من التأخر يوما (في فترة سابقة كان التأخر يوما يعني علامة فشل وسأتوقف) لكن الآن أذكر نفسي بـ (لا بأس)